Tuesday, March 24, 2020

رد النعمان بن المنذر على كسرى





قال كسرى: بماذا؟ 
قال النعمان: بعزها ومنعتها، و حُسن 
وجوهها و بأسها وسخائها وحكمة ألسنتها، وشدّة عقولها و أنفتها ووفائها.

أمّا عزتها ومنعتها، 
فإنها لم تزل مجاورة لآبائك الذين دوّخوا البلاد، ووطّدوا الملك، وقادوا الجند، لم يطمع فيهم طامع، ولم ينلهم نائلْ، حصونُهم ظهور خيلهم ومهادُهم الأرض، وسقوفُهم السماء، وجُنّتهم السيوف، وعدّتهم الصبر ــــــ إذ غيرها من الأمم، إنما عزها الحجارة والطين، وجزائر البحور.

و أما حسن وجوهها و ألوانها، فقد يُعرف فَضلهم في ذلك على غيرهم من الهند المنْحَرفة، والصّين المنحفة، والترك المشوّهة، و الرّوم المقشّرة.

و أمّا أنسابها و أحسابها: فليست أمّة من الأمم إلا وقد جهلت آباءها و أصولها وكثيرا من أولها، حتى أنّ أحدهم ليُسأل عمّن وراء أبيه دنيا فلا يَنْسُبُه، و لايعرفه، و ليس أحدا من العرب إلا يسمّي آباءه أباً فأباً، حاطوا بذلك أحسابهم، وحفظوا به أنسابهم، فلا يدخل رجل في غير قومه، و لا ينتسب إلى غير نسبه و لا يُدعى إلى غير أبيه.

و أما سخاؤها: فإن أدناهم رجلا الذي تكون عنده البَكْرَة والنّاب، عليها بَلاغُه في حموله، وشِبَعه ورِيه، فيطرقه الذي يكتفي بالفلذة، ويجتزي بالشّربة فيعقرها له، ويرضى أن يخرج عن دنياه كلها فيما يكسبه حُسْن الأحدوثة، وطيّب الذكر.

No comments:

Post a Comment