ل هارون الرشيد جارية حسناء تدعى " خالصة" ومن شدة غرام الرشيد بها صار لا يفارقها لا ليلا ولا نهارا. وقد وهبها الجواهر الغالية والأحجار الكريمة وقلدها بالعقود النادرة .
ففي ذات يوم دخل أبو نواس على الخليفة وهو جالس عند خالصة فامتدحه بقصيدته النونية العصماء فلم يلتفت إليه الرشيد ولم يعره التفاته تشجعه على إتمام القصيدة بل ضل مشغولا .
فاشتد الغيض بابي نواس وانصرف من حضرة أمير المؤمنين وهو حاقد على خالصة ولما انتهى إلى باب المقاصير الخاصة بخالصة كتب على الباب يقول شعرا:
لقد ضاع شعري على بابكم
كما ضاع عقد على خالصة
وفي الصباح مر بعض الخدم المخلصين لخالصة فقرأ ما على بابها من الشعر فذهب إليها واخبرها فلم تصدق قولهم وذهبت بنفسها إلى الباب فقرأت الشعر فهاجت غضبا ولما جاءها أمير المؤمنين هارون الرشيد وجدها تبكي وهي في قهر شديد فسألها عن السبب فأرشدته إلى الشعر فقالت: لا يجرأ احد على كتابة هذا الشعر غير أبي نواس
فقال الرشيد: إن الخط خطه ولا بد من عقابه حتى لا يعود لمثل ذلك فذهب الخدم لإحضاره وجدوا جميعا في طلبه ولما علم أبو نواس الغرض من هذا الطلب جاء حتى مر من ناحية الباب حيث كان قد كتب الشعر فمحى تجويف العين من الموضعين من ضاع فصار أول العين مثل الهمزة. وصار يقرأ البيت هكذا:
لقد ضاء شعري على بابكم
كما ضاء عقد على خالصة
ودخل على أمير المؤمنين فلما رآه استشاط غضبا وصاح به ويحك يا أبا نواس ما هذا الذي كتبته على باب خالصة
فقال : وما هذا الذي تقوله عنه يا مولاي
أجاب: الشعر الذي هجوتني به.
فقال حاشا لله يا أمير المؤمنين أن يحصل مني ما تقول إنني يا مولاي مدحت وما هجوت وهيا بنا لنرى ما كتبت فقام الخليفة وهو يقول: تالله لئن لم يكن ما تقول فأنت مقتول ثم سار الخليفة وأبو نواس خلفه.
فلما وصل إلى الباب قرأ الشعر هكذا:
لقد ضاء شعري على بابكم
كما ضاء عقد على خالصة
فأعجب الخليفة بهذه البداهة وأمر له بألف دينار
No comments:
Post a Comment